الاعلمية في التقليد

الاعلمية في التقليد

سماحة المرجع الديني آية الله السيستاني
سماحة المرجع الديني آية الله السيستاني

مسألة 8: إذا اختلف المجتهدون في الفتوى وجب الرجوع إلى الأعلم (أي الأقدر على استنباط الأحكام بأن يكون أكثر إحاطة بالمدارك و بتطبيقاتها بحيث يكون احتمال إصابة الواقع في فتاواه أقوى من احتمالها في فتاوى غيره). ولو تساووا في العلم أو لم يحرز وجود الأعلم بينهم فإن كان أحدهم أورع من غيره في الفتوى ــ أي أكثر تثبتاً واحتياطاً في الجهات الدخيلة في الإفتاء ــ تعين الرجوع إليه، وإلا كان المكلف مخيراً في تطبيق عمله على فتوى أي منهم ولا يلزمه الاحتياط بين أقوالهم إلا في المسائل التي يحصل له فيها علم إجمالي منجّز أو حجة إجمالية كذلك ـ كما إذا أفتى بعضهم بوجوب القصر وبعض بوجوب التمام فانه يعلم بوجوب أحدهما عليه ، أو أفتى بعضهم بصحة المعاوضة وبعض ببطلانها فإنه يعلم بحرمة التصرف في أحد العوضين ـ فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيها.

مسألة 9: إذا علم أن أحد المجتهدين أعلم من الآخر ــ مع كون كل واحد منهما أعلم من غيرهما، أو انحصار المجتهد الجامع للشرائط فيهما ــ فإن لم يعلم الاختلاف بينهما في الفتوى تخيّر بينهما، وإن علم الاختلاف وجب الفحص عن الأعلم، فإن عجز عن معرفته كان ذلك من اشتباه الحجة باللاحجة في كل مسألة يختلفان فيها في الرأي، ولا إشكال في وجوب الاحتياط فيها مع اقترانه بالعلم الإجمالي المنجّز، كما لا محلّ للاحتياط فيما كان من قبيل دوران الأمر بين المحذورين ونحوه حيث يحكم فيه بالتخيير مع تساوي احتمال الأعلمية في حق كليهما، وإلا فيتعين العمل على وفق فتوى من يكون احتمال أعلميته أقوى من الآخر.
وأما في غير الموردين فالصحيح هو التفصيل: أي وجوب الاحتياط بين قوليهما فيما كان من قبيل اشتباه الحجة باللاحجة في الأحكام الإلزامية، سواء أكان في مسألة واحدة كما إذا أفتى أحدهما بوجوب الظهر والآخر بوجوب الجمعة مع احتمال الوجوب التخييري، أم في مسألتين كما إذا أفتى أحدهما بالحكم الترخيصي في مسألة والآخر بالحكم الإلزامي فيها وانعكس الأمر في مسألة أخرى.
وأما إذا لم يكن كذلك فلا يجب الاحتياط، كما إذا لم يعلم الاختلاف بينهما على هذا النحو إلاّ في مسألة واحدة، أو علم به في أزيد منها مع كون المفتي بالحكم الإلزامي في الجميع واحداً.

مسألة 10: إذا قلّد من ليس أهلاً للفتوى وجب العدول عنه إلى من هو أهل لها، وكذا إذا قلد غير الأعلم وجب العدول إلى الأعلم مع العلم بالمخالفة بينهما، وكذا لو قلّد الأعلم ثم صار غيره أعلم.

مسألة 11: إذا قلد مجتهداً ثم شك في أنه كان جامعاً للشروط أم لا وجب عليه الفحص، فإن تبين له أنه كان جامعاً للشروط بقي على تقليده، وإن تبين أنه كان فاقداً لها أو لم يتبين له شيء عدل إلى غيره.
وأما أعماله السابقة: فإن عرف كيفيتها رجع في الاجتزاء بها إلى المجتهد الجامع للشروط، فمع مطابقة العمل لفتواه يجتزئ به، بل يحكم بالاجتزاء في بعض موارد المخالفة أيضاً، كما إذا كان تقليده للأول عن جهل قصوري و أخلّ بما لا يضر الإخلال به لعذر، كالإخلال بغير الأركان من الصلاة، أو كان تقليده له عن جهل تقصيري وأخلّ بما لا يضر الإخلال به إلاّ عن عمدٍ كالجهر والإخفات في الصلاة.
وأما إن لم يعرف كيفية أعماله السابقة فيمكنه البناء على صحتها إلاّ في بعض الموارد، كما إذا كان بانياً على مانعية جزء أو شرط واحتمل الإتيان به غفلة، بل حتى في هذا المورد إذا لم يترتب على المخالفة أثر غير وجوب القضاء فإنه لا يحكم بوجوبه.

مسألة 12: إذا بقي على تقليد الميت ــ غفلة أو مسامحة ــ من دون أن يقلد الحي في ذلك كان كمن عمل من غير تقليد، وعليه الرجوع إلى الحي في ذلك، والتفصيل المتقدم في المسألة السابقة جارٍ هنا أيضاً.

 

مسألة 13: إذا قلد من لم يكن جامعاً للشروط، والتفت إليه بعد مدة، فإن كان معتمداً في ذلك على طريق معتبر شرعاً وقد تبين خطؤه لاحقاً كان كالجاهل القاصر وإلا فكالمقصر، ويختلفان في المعذورية وعدمها، كما قد يختلفان في الحكم بالإجزاء وعدمه، حسبما مرَّ بيانه في المسألة الحادية عشر.

 

مصدر: موقع هدانا مأخوذة من الاستفتاءات المرجع الديني آية الله السيستاني

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.