حكم الماء المطلق

حكم الماء المطلق

 

سماحة المرجع الديني آية الله السيستاني
سماحة المرجع الديني آية الله السيستاني

ينقسم ما يستعمل فيه لفظ الماء إلى قسمين:
الأول: ماء مطلق، وهو: ما يصح استعمال لفظ الماء فيه بلا مضاف إليه، كالماء الذي يكون في البحر أو النهر أو البئر أو غير ذلك، فإنه يصح أن يقال له: ماء، وإضافته إلى البحر مثلاً للتعيين لا لتصحيح الاستعمال.
الثاني: ماء مضاف، وهو: ما لا يصح استعمال لفظ الماء فيه بلا مضاف إليه، كماء الرمان، وماء الورد، فإنه لا يقال له (ماء) إلا مجازاً، ولذا يصح سلب الماء عنه.

الفصل الثاني
حكم الماء المطلق

الماء المطلق إما لا مادة له، أو له مادة:
والأول: إما قليل لا يبلغ مقداره الكر، أو كثير يبلغ مقداره الكر.
والقليل ينفعل بملاقاة النجس، وكذا المتنجس على تفصيل يأتي في المسألة (415)، نعم إذا كان متدافعاً بقوة فالنجاسة تختص حينئذٍ بموضع الملاقاة والمتدافع إليه، ولا تسري إلى المتدافع منه، سواء أكان جارياً من الأعلى إلى الأسفل، كالماء المنصبّ من الميزاب إلى الموضع النجس، فإنه لا تسري النجاسة إلى أجزاء العمود المنصب، فضلاً عن المقدار الجاري على السطح، أم كان متدافعاً من الأسفل إلى الأعلى، كالماء الخارج من الفوارة الملاقي للسقف النجس، فإنه لا تسري النجاسة إلى العمود، ولا إلى ما في داخل الفوارة، وكذا إذا كان متدافعاً من أحد الجانبين إلى الآخر.
وأما الكثير الذي يبلغ الكر، فلا ينفعل بملاقاة النجس، فضلاً عن المتنجس، إلا إذا تغير بلون النجاسة أو طعمها أو ريحها تغيراً فعلياً أو ما هو بحكمه كما سيأتي.
مسألة 33: إذا كانت النجاسة لا وصف لها، أو كان وصفها يوافق الوصف الذي يعدّ طبيعياً للماء، لم ينجس الماء الكر بوقوعها فيه وإن كانت بمقدار لو كان لها خلاف وصف الماء لغيّره، وأما إذا كان منشأ عدم فعلية التغير عروض وصف غير طبيعي للماء يوافق وصف النجاسة ــ كما لو مزج بالصبغ الأحمر مثلاً قبل وقوع الدم فيه ــ فالأحوط لزوماً الاجتناب عنه حينئذٍ، لأن العبرة بكون منشأ عدم التغير قاهرية الماء وغلبته بما له من الأوصاف التي تعد طبيعية له لا أمراً آخر.
مسألة 34: إذا فرض تغيّر الماء الكرّ بالنجاسة من حيث الرقة والغلظة أو الخفة والثقل أو نحو ذلك من دون حصول التغيّر باللون والطعم والريح لم يتنجس ما لم يصر مضافاً.
مسألة 35: إذا تغير لون الماء الكر أو طعمه أو ريحه بالمجاورة للنجاسة فلا يترك الاحتياط بالاجتناب عنه، لاسيما في مثل ما إذا وقع جزء من الميتة فيه وتغير بمجموع الداخل والخارج.
مسألة 36: إذا تغير الماء الكر بوقوع المتنجس فيه لم ينجس، إلا أن يتغير بوصف النجاسة التي تكون للمتنجس، كالماء المتغير بالدم يقع في الكرّ فيغيّر لونه فيصير أصفر، فإنه ينجس.
مسألة 37: يكفي في حصول النجاسة التغير بوصف النجس في الجملة، ولو لم يكن متحداً معه، فإذا اصفرّ الماء الكر بملاقاة الدم تنجس.
والثاني: وهو ما له مادة على قسمين:
1 ــ ما تكون مادته طبيعية، وهذا إن صدق عليه ماء البئر أو الماء الجاري لم ينجس بملاقاة النجاسة وإن كان أقل من الكر، إلا إذا تغيّر على النهج الذي سبق بيانه، من غير فرق في الماء الجاري بين ماء الأنهار والعيون، وإن لم يصدق عليه أحد العنوانين ــ كالراكد النابع على وجه الأرض ــ تنجس بملاقاة النجاسة إذا كان قليلا ما لم يجر ولو بعلاج بحيث يصدق عليه الماء الجاري.
2 ــ ما لا تكون مادته طبيعية كماء الحمام، وسيأتي بيان حكمه في المسألة (51).
مسألة 38: يعتبر في صدق عنوان (الجاري) وجود مادة طبيعية له، والجريان ولو بعلاج، والدوام ولو في الجملة كبعض فصول السنة، ولا يعتبر فيه اتصاله بالمادة بل الاستمداد الفعلي منها، ولا ينافيه الانفصال الطبيعي كما لو كانت المادة من فوق تترشح وتتقاطر، فإنه يكفي ذلك في عاصميته.
مسألة 39: ليس الراكد المتصل بالجاري في حكم الجاري في عدم تنجسه بملاقاة النجس والمتنجس، فالحوض المتصل بالنهر بساقية ينجس بالملاقاة إذا كان المجموع أقل من الكر، وكذا أطراف النهر فيما لا يعدّ جزءً منه عرفاً.
مسألة 40: إذا تغيّر بعض الماء الجاري دون بعضه الآخر فالطرف السابق على موضع التغير لا ينجس بالملاقاة وإن كان قليلاً، والطرف الآخر حكمه حكم الراكد إن تغير تمام قطر ذلك البعض، وإلا فالمتنجس هو المقدار المتغيّر فقط.
مسألة 41: إذا شك في ماء جارٍ أن له مادة طبيعية أم لا وكان قليلاً يحكم بنجاسته بالملاقاة ما لم يكن مسبوقاً بوجودها.
مسألة 42: ماء المطر معتصم لا ينجس بمجرد ملاقاة النجس إذا نزل عليه ما لم يتغير أحد أوصافه الثلاثة على النهج المتقدم، وكذا لو نزل أولاً على ما يعد ممراً له عرفاً ــ ولو لأجل الشدة والتتابع ــ كورق الشجر ونحوه، وأما إذا نزل على ما لا يعد ممراً فاستقر عليه أو نزا منه ثم وقع على النجس كان محكوماً بالنجاسة.
مسألة 43: إذا اجتمع ماء المطر في مكان وكان قليلاً، فإن كان يتقاطر عليه المطر فهو معتصم كالكثير، وإن انقطع عنه التقاطر كان بحكم القليل.
مسألة 44: الماء المتنجس إذا امتزج معه ماء المطر بمقدار معتد به ــ لا مثل القطرة أو القطرات ــ طهر، وكذا ظرفه إذا لم يكن من الأواني وإلا فلا يطهر إلا بالغسل ثلاثاً على الأحوط لزوماً.
مسألة 45: يعتبر في جريان حكم ماء المطر أن يصدق عرفاً أن النازل من السماء (ماء مطر) وإن كان الواقع على المتنجس قطرات منه، وأما إذا كان مجموع ما نزل من السماء قطرات قليلة فلا يشمله حكم ماء المطر.
مسألة 46: الفراش المتنجس إذا تقاطر عليه المطر ونفذ في جميعه طهر الجميع، ولا يحتاج إلى العصر أو التعدد، وإذا وصل إلى بعضه دون بعض طهر ما وصل إليه دون غيره، وهكذا الحال في الثوب المتنجس بغير البول، وأما المتنجس به فلا يطهر الا بالغسل مرتين على الأحوط لزوماً، هذا إذا لم يكن فيهما عين النجاسة، وإلا فلا بد من زوال عينها، ويكفي التقاطر المزيل فيما لا يعتبر فيه التعدد.
مسألة 47: الأرض المتنجسة تطهر بوصول المطر إليها، بشرط أن يكون من السماء مباشرة ولو بإعانة الريح أو مما يعدّ ممراً له عرفاً، وأما لو وصل إليها بعد الوقوع على محل آخر لا يعد ممراً له عرفاً ــ كما إذا ترشح بعد الوقوع على مكان فوصل إلى الأرض المتنجسة ــ فلا يكون مطهراً بمجرد وصوله، بل يكون حكمه حكم الماء القليل فيعتبر فيه ما يعتبر في مطهريته، نعم لو جرى على وجه الأرض فوصل إلى مكان مسقف حال استمرار التقاطر من السماء طهر.
مسألة 48: إذا تقاطر المطر على عين النجس فترشح منها على شيء آخر لم ينجس، إذا لم يكن معه عين النجاسة و لم يكن متغيراً.
مسألة 49: في مقدار الكر بحسب المساحة أقوال، والمشهور بين الفقهاء (رض) اعتبار أن يبلغ مكعبه ثلاثة وأربعين شبراً إلا ثمن شبر وهو الأحوط استحباباً، وإن كان يكفي بلوغه ستة وثلاثين شبراً أي ما يعادل (384) لتراً تقريباً، وأما تقديره بحسب الوزن فلا يخلو عن إشكال فلا يترك مراعاة الاحتياط فيه.
مسألة 50: لا فرق في اعتصام الكر بين تساوي سطوحه و اختلافها، ولا بين وقوف الماء وركوده وجريانه، نعم إذا كان الماء متدافعاً لا تكفي كرية المجموع ولا كرية المتدافع إليه في اعتصام المتدافع منه، نعم تكفي كرية المتدافع منه بل وكرية المجموع في اعتصام المتدافع إليه وعدم تنجسه بملاقاة النجس.
مسألة 51: لا فرق بين ماء الحمام وغيره في الأحكام، فما في الحياض الصغيرة ــ إذا كان متصلاً بالمادة، وكانت وحدها أو بضميمة ما في الحياض إليها كراً ــ اعتصم، وأما إذا لم يكن متصلاً بالمادة، أو لم تكن المادة ــ ولو بضم ما في الحياض إليها ــ كراً فلا يعتصم.
مسألة 52: الماء الموجود في أنابيب الإسالة المتعارفة في زماننا لا يعدّ من الماء الجاري بل من الماء الكرّ، فلا يكفي أن يغسل به البدن أو اللباس المتنجس بالبول مرة واحدة بل لا بد من أن يغسل مرتين.
وإذا كان الماء الموضوع في طشت ونحوه من الأواني متنجساً فجرى عليه ماء الأنبوب وامتزج به طهر واعتصم، وكان حكمه حكم ماء الكر في تطهير المتنجس به، هذا إذا لم ينقطع الماء عنه وإلا تنجس على الأحوط لزوماً، إلا إذا كان الإناء مسبوقاً بالغسل مرتين، وإذا كان الماء المتنجس موضوعاً في غير الأواني من الظروف فحكمه ما سبق إلا أنه لا يتنجّس بانقطاع ماء الأنبوب عنه.

 

مصدر: موقع هدانا مأخوذة من الاستفتاءات المرجع الديني آية الله السيستاني

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.